إطلاق تجريبي
نبذة عنه
نبذة عن الكاتب
أبو عُثْمان عُمَرُو بن بَحر بن مَحْبُوبٌ بن فَزارَة اللَّيْثِيّ الْكِنَانِيّ الْبَصَرِيّ المعروف بالْجَاحِظ (159 هـ-255 هـ) أديب عربي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها. وفي رسالة الجاحظ التي اشتهرت عنه مدح فيها نفسه حيث قال: «أنا رجل من بني كنانة، وللخلافة قرابة، ولي فيها شفعة، وهم بعد جنس وعصبة»
كان ثمة نتوء واضحٌ في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته في الآفاق هو الجاحظ. عمّر الجاحظ نحو تسعين عامًا وترك كتبًا كثيرة يصعب عدها، وإن كان البيان والتبيين وكتاب الحيوان والبخلاء والمحاسن والأضداد أشهر هذه الكتب، كتب في علم الكلام والأدب والسياسة والتاريخ والأخلاق والنبات والحيوان والصناعة وغيرها.
«الفلسفة هي أداة الضمائر وآلة الخواطر ونتائج العقل وأداة لمعرفة الأجناس والعناصر وعلم الأعراض والجواهر وعلل الأشخاص والصور واختلاف الأخلاق والطبائع والسجايا والغرائز.»
قال ابن خلدون عند الكلام على علم الأدب: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة كتب هي : أدب الكاتب لابن قتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب الأمالي لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها.»
المولد والنشأة
ولد في مدينة البصرة نشأ فقيرًا، وكان دميمًا قبيحًا جاحظ العينين عرف عنه خفة الروح وميله إلى الهزل والفكاهة، ومن ثم كانت كتاباته على اختلاف مواضيعها لا تخلو من الهزل والتهكم. طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليتم والفقر حال دون تفرغه لطلب العلم، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته.
كانت ولادة الجاحظ في خلافة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين سنة 150 هـ وقيل 159 هـ وقيل 163 هـ، وتوفي في خلافة المهتدي بالله سنة 255 هجرية، فعاصر بذلك 12 خليفة عباسيًا هم: المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله، وعاش القرن الذي كانت فيه الثقافة العربية في ذروة ازدهارها.
أخذ علم اللغة العربية وآدابها على أبي عبيدة مؤلف كتاب نقائض جرير والفرزدق، والأصمعي الراوية المشهور صاحب الأصمعيات وأبي زيد الأنصاري، ودرس النحو على الأخفش[؟]، وعلم الكلام على يد ابراهيم بن سيار بن هانئ النظام البصري.
كان متصلا - بالإضافة لاتصاله بالثقافة العربية - بالثقافات غير العربية كالفارسية واليونانية والهندية، عن طريق قراءة أعمال مترجمة أو مناقشة المترجمين أنفسهم، كحنين بن إسحق وسلمويه، وربما كان يُجيد اللغة الفارسية لأنه دوّن في كتابه المحاسن والأضداد بعض النصوص باللغة الفارسية. توجه إلى بغداد، وفيها تميز وبرز، وتصدّر للتدريس، وتولّى ديوان الرسائل للخليفة المأمون.
ثقافته
كان للجاحظ منذ نعومة أظفاره ميلٌ واضحٌ ونزوعٌ عارمٌ إلى القراءة والمطالعة حَتَّى ضَجِرَتْ أُمُّهُ وتبرَّأت منه. وظلَّ هذا الميل ملازماً له طيلة عمره، حتَّى إنَّه فيما اشتُهِرَ عنه لم يكن يقنع أو يكتفي بقراءة الكتاب والكتابين في اليوم الواحد، بل كان يكتري دكاكين الورَّاقين ويبيت فيها للقراءة والنَّظر. ويورد ياقوت الحموي قولًا لأبي هفَّان ـ وهو من معاصريه ـ ما يدلُّ على مدى نَهَمِ الجاحظ بالكتب، يقول فيه: «لم أر قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلا استوفى قراءته كائنًا ما كان ولا عَجَبَ إذ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات عدَّة في كتبه، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها. والحقُّ أنَّه كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ، فليس هناك شيءٌ يقرأه إلا ويرتسم في ذهنه، ويظلُّ في ذاكرته آمادًا متطاولة.
ولكن الجاحظ لم يقصر مصادر فكره ومعارفه على الكتب، وخاصَّةً أنَّ ذلك عادةٌ مذمومةٌ فيما أخبرنا هو ذاته وأخبرنا كثيرون غيره، إذ العلم الحقُّ لا يؤخذ إلا عن معلم، فتتلمذ على أيدي كثيرٍ من المعلمين العلماء واغتنى فكره من اتصاله بهم، وهو وإن لم يتَّفق مع بعضهم أو لم يرض عن فكرهم فإنَّهُ أقرَّ بفضل الجميع ونقل عنهم وذكرهم مرارًا بين طيات كتبه».
لقد تكوَّنَتْ لدى الجاحظ ثقافةٌ هائلةٌ ومعارف طائلةٌ عن طريق التحاقه بحلقات العلم المسجديَّة التي كانت تجتمع لمناقشة عددٍ كبيرٍ وواسعٍ من الأسئلة، وبمتابعة محاضرات أكثر الرِّجال علمًا في تلك الأيَّام، في فقه اللغة وفقه النَّحو والشِّعر، وسرعان ما حصَّل الأستاذيَّة الحقيقيَّة في اللغة العربيَّة بوصفها ثقافةً تقليديَّة، وقد مَكنَّهُ ذكاؤُه الحادُّ من ولوج حلقات المعتزلة المهتمّين بعلم الكلام.
ونظرًا لسعة علمه وكثرة معارفه وَصَفَهُ ابن يزداد بقوله: هو نسيج وَحْدِهِ في جميع العلوم؛ علم الكلام، والأخبار، والفتيا، والعربيَّة، وتأويل القرآن، وأيَّام العرب، مع ما فيه من الفصاحة.
وإن كان معاصرو الجاحظ من العلماء، على موسوعيَّة ثقافتهم، أقرب إلى التَّخصص بالمعنى المعاصر، فإن «تردُّد الجاحظ على حلقات التَّدريس المختلفة قد نجَّاه من عيب معاصريه ذوي الاختصاص الضَّيِّقِ. فهو بدرسه العلوم النقليَّة قد ارتفع فوق مستوى الكُتَّاب ذوي الثَّقافة الأجنبيَّة في أساسها القليلة النَّصيب من العربيَّة وغير الإسلاميَّة البتَّة»، ولذلك «لم يكتف بالتردُّد على أوساطٍ معيَّنةٍ بغية التَّعمق في مادَّة اختارها بل لازمَ كلَّ المجامع، وحضر جميع الدُّروس، واشترك في مناقشات العلماء المسجديين، وأطال الوقوف في المربد ليستمع إلى كلام الأعراب، ونضيف إلى جانب هذا التكوين، الذي لم يعد له طابع مدرسي محدود، المحادثات التي جرت بينه وبين معاصريه وأساتذته في مختلف المواضيع» وكان من أفضل الكتاب في ذلك الوقت.
وفاته
ويتحدّث كتّاب السير عن وفاته في عام 868م الموافق لسنة 255 هـ وقد جاوز على التسعين سنة. وله مقالة في أصول الدين وإليه تنسب الجاحظية. وقد هدّه شلل أقعده وشيخوخة صالحة، عندما كان جالسا في مكتبته يطالع بعض الكتب المحببة إليه، فوقع عليه صف من الكتب أردته ميتاً، لقد مات الجاحظ مدفونا بالكتب والمجلدات، مخلفاً وراءه كتباً ومقالات وأفكاراً ما زالت خالدةً حتى الآن.
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor