إطلاق تجريبي
4,132
منذ سنتين
ما معنى المخطوطات؟
إنَّ لفظة مخطوطة مشتقّة من الفعل الماضي خطَّ، أو الفعل المضارع يخط، وأمَّا في الاصطلاح فإنّ المخطوطات هي ذلك النوع من الكتب الذي كُتب بخط اليد؛ وذلك بسبب عدم وجود الطباعة في تلك الفترة، وتُمثّل المخطوطات المصادر الأوّلية لجميع المعلومات، وهناك الكثير من المخطوطات التي ما زالت في خط اليد ولم تُطبع حتّى الآن.[١]
كيف وُلد عصر المخطوطات؟
إنّ بداية نشأة المخطوطات القديمة كانت مع بداية عصر التدوين عند ظهور العلماء المجتهدين الذين سعوا إلى تدوين العلوم على اختلافها، فلمّا اتسعت رقعة الدولة الإسلاميَّة واحتاج النَّاس إلى اكتساب العلم كان لا بدَّ من طريقة لحفظه ونشره، وأوّل العلوم التي انتشرت في تلك الفترة السّنة وفقه الصحابة وفقه التابعين -رضوان الله عليهم-، وكان من أعظم ما ميّز تلك الفترة هو ظهور الأئمة الأربعة بها وهم: الإمام مالك وأحمد بن حنبل والشافعي وأبو حنيفة.[٢]
اشتدت الحاجة إلى تدوين العلوم المأخوذة عنهم وفتاويهم وآرائهم، واشتدت الحاجة إلى علوم اللغة العربية التي تدعم علوم الدين بشكل متين، فكان تدوين علوم النحو والصرف والبلاغة وكذلك اللغة والحساب.[٢]
ما السبيل لإخراج النص من المخطوط إلى المطبوع؟
لا بدّ عند تحقيق المخطوطات من اتباع مجموعة من الخطوات السليمة التي تؤدي إلى نتائج حسنة، ومن ذلك:
ليس أي عنوان يُوضع على الصفحة الأولى من المخطوط يُسلّم به على أنّه العنوان الحقيقي الصحيح، بل لا بدّ من مطابقة الخط المكتوب به العنوان مع الخط المكتوب في متن المخطوط -وذلك في حال كان المخطوط بيد المؤلف- فلو كان الخط نفسه يُسلم بالعنوان، ولا بدّ من قراءة مقدمة المخطوط فقد يحوي على العنوان -حال لم يكن هناك عنوان مثبت- وقراءة خاتمة المخطوط كذلك.[٣]
إنّ من المهمات المنوطة بالمحقق أن يتأكد من اسم مؤلف المخطوط فلا يكفي أن يُثبت فقط اسم المؤلف على ظاهر النسخة، بل لا بدّ من مقارنة هذه النسخة بغيرها من النسخ، ومقارنة وقت التأليف مع حياة المؤلف وأسماء شيوخه وتلامذته المذكورة في ترجمته في بداية المخطوط، ومطابقة ذلك مع الأعوام والتواريخ المذكورة في كتب الأعلام، وهل كل تلك المعلومات متطابقة أم لا.[٣]
إنّ مهمة المحقق أن يُشكّك بالمعلومات التي بين يديه ولا يُسلم بها إلا بعد الإثبات، ولا يُمكن التسليم بصحة نسبة الكتاب إلى المؤلف، بل لا بدَّ للباحث من أن يُقارن المادة العلمية مع الفترة التي عاش بها ذلك المؤلف، فلو كان الكتاب في التاريخ مثلًا فلا بدّ أن تكون المعلومات تُحاكي العصر الذي يعيش به المؤلف والعصور التي قبله، وليس من المنطقي أن توجد معلومات عن عصور متأخرة عن حياته.[٣]
إنّ تغيير شيء من متن الكتاب هو اعتداء صريح على حق المؤلف الذي له وحده حقّ التصرف في كتابه أو التبديل أو التغيير، حتى ولو كان ذلك التغيير إلى الأحسن، فالأمانة العلمية تقضي أن يُنقل الكتاب كما هو فلا يُغيّر فيه، وهو من الأمانة العلمية فمَن غيّر في شيء فقد خان الأمانة التي وُكلت إليه، إذ إنّ كل كتاب منوط بالبيئة والحقبة التاريخية التي ظهر بها.[٣]
كيف يُمكن التفريق بين المخطوطات؟
تُقسم المخطوطات العربية إلى ستة أنواع، وهي:[٤]
ما الفائدة من المخطوطات؟
تبرز أهمية تحقيق المخطوطات في العديد من النقاط، أهمها:[٥]
كيف استطاع المستشرق الغربي الحفاظ على التراث العربي؟
لقد استطاع المستشرقون الأجانب في القرن السابع عشر الميلادي الحفاظ على المخطوطات العربية والإسلامية من الضياع والإهمال الذي كانت تتعرض له في البلاد العربية، فكانت الأحداث السياسية قد امتهنت مناحي الحياة الأدبية والثقافية والاجتماعية، وكان البابا نيقولا الثاني مهتمًا بجمع المصادر الإسلامية بشكل خاص، فنثر جميع رجاله في الشرق للحصول على تلك المخطوطات الثمينة، ويُذكر أنَّ جان غرورتر قد جاء من الأندلس وهو يحمل حصانًا من الكتب الإسلامية.[٦]
قام المستشرق ويد ماترنز ببيع جميع المخطوطات التي جمعها من الشرق، وقد بلغت أحد عشر مجلدًا إلى دوق في روسيا وكان ذلك عام 1558 ميلادي، ثم جمع ويلهم بوستل المستشرق الكثير من المخطوطات، ولكن بسبب ضائقته المالية فرّط في تلك المخطوطات إلى مكتبة هايرلبرج وباعها لهم، وكانت فيما بعد تلك المخطوطات هي أساس دراسة المستشرقين في ألمانيا، وقد أوصى المستشرق يوركهات بجميع المخطوطات التي جمعها لجامعة كامبردج، واشترت مكتبة برلين فيما بعد من المستشرق هايزش بترمان ما يُقارب ألف مخطوط، واستطاع القنصل "البروس" أن يجلب من دمشق ما يُقارب ألفي مخطوط.[٦]
كلّ ذلك كان له الأثر الواضح في يقظة أوروبا العلمية، فقد حوت بين جدران مكتباتها أعظم المخطوطات العربية واستطاعت أن تستفيد منها، ويُذكر أنّ لويس الرابع عشر قد رصد ثروة ضخمة لشراء تلك المخطوطات والحصول عليها.[٦]
عفراء بكري
المصدر: سطور
Powered by Froala Editor