شرح نصوص مختارة -الجزء الثّاني- قوله تعالى : ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾

شرح نصوص مختارة -الجزء الثّاني- قوله تعالى : ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾
حول الكتاب

هذه الآية العظيمة الجليلة القدر الواردة في سورة البقرة من الآيات التي حصل فيها كلام كثير، سببه مافيها من توهّم أنّ إبراهيم عليه السلام شكّ في قدرة الله تعالى، أخذاً من طلبه معاينة إحياء الموتى، ومن قوله كذلك إنّ سبب هذه الطلب هو الوصول إلى حال طمأنينة القلب، وهذا مشكل من جهة كون ذلك شكاً في فهم البعض، وإذا قيل إنه ليس بشك فهو مشكل كذلك من جهة أن إبراهيم لم يكن موقناً اليقين الواجب من مثله، كما أنه مشكل على مذهب المتكلمين الذين لا يؤمنون بتفاوت اليقين أو الإيمان.

ومن المعلوم من الدين ضرورة أنّه لا يصحّ إسلام العبد ولا إيمانه إلاّ بالإقرار بشهادة التوحيد وما تضمنته من التوحيد والإيمان بكل ما جاء به النّبيّ × عن ربه تبارك وتعالى من العلوم الخبرية، والأحكام الشرعية العملية، تصديقا وامتثالاً، ولهذا لم تختلف كلمة أهل الإسلام على اشتراط اليقين بما جاء عن الله ورسوله × وانتفاء الشك عن الإيمان في صحّته والانتفاع به، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ ‌لَمْ ‌يَرْتَابُوا ﴾ [الحجرات: 15]، وقال في وصف المتقين: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: 4].

وهذه الآية -ومثلها آية أخرى سنمر بها -توهم تعارضاً مع هذا الأصل، ولهذا كان من الواجب النظر فيها وبيان وجهها الصحيح، وأنها متسقة مع أصول الإسلام ولا تتعارض مع درجة الخليل عليه السلام ومقامه في الأنبياء. وبالله الاستعانة.


Powered by Froala Editor

قم بتسجيل الدخول حتى تستطيع التعليق

لا توجد تعليقات