لهذا الحديث طرق عدة لكن الاعتماد فيها على خبر ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى أنّ ابن شهاب أخبره أنّ عروة أخبره أنّ عائشة أخبرته أن النبي × قال: «أيُّما امرأةٍ نُكِحت بغير إذن وليِّها فنكاحُها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ. فإن دخل بها فلها المهرُ بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطانُ وليُّ مَنْ لا وليَّ له».

رواه عن ابن جريج عدد من الثقات الأثبات ذكرهم الحاكم وغيره ، وقد صرح كل راو بالسماع ممن فوقه فانتفت على التدليس أو الإرسال، وكل رواته ثقات أثبات ، ابن جريج هو عبدالملك بن عبد العزيز بن جريج قال عنه الذهبي: الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ الحرم، أبو خالد، وأبو الوليد القرشي، الأموي المكي، وسليمان بن موسى الإمام الكبير، مفتي دمشق، أبو أيوب - ويقال: أبو هشام، وأبو الربيع - الدمشقي، الأشدق، وثقه الأئمة كلهم إلا البخاري من جهة انفراده ببعض الأحاديث قال سعيد بن عبد العزيز: ‌سليمان ‌بن ‌موسى كان أعلم أهل الشام بعد مكحول، قال عطاء بن أبي رباح: سيد شباب أهل الشام ‌سليمان ‌بن ‌موسى، وقال ‌الزهري: ‌سليمان ‌بن ‌موسى أحفظ من مكحول، وقال عثمان الدارمي، عن دحيم: ثقة، وعن ابن معين: ثقة في ‌الزهري، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري الإمام العلم، وعروة هو ابن الزبير السيد الجليل ، وعائشة رضي الله عنها هي من هي .  

فهذا حديث في منتهى الصحة ، وإذا كان كذلك فنريد أن نعرف هنا الصور الّتي تدخل في قوله صلى الله عليه وسلّم : «بغير إذن وليّها»، فصور نكاح المرأة من حيث وجود الوليّ وعدمه صُور عدة ، فأمّا واحدة منها  فمُجمع على صحتها وهي أن يباشر وليّ المرأة الأقرب النكاح فيزوّج موليته، وتبقى صور أخرى فيها أقوال:

الصورة الأولى: أن تنكح المرأة نفسها بلا وليّ أبداً فتباشر العقد بنفسها.

الثانية: أن تباشر العقد بإذن وليّها وعلمه.

الثالثة: أن يباشر العقد وليّها الأبعد أو رجل من غير الأولياء بإذن وليّها.

الرابعة: ان يباشر العقد وليّها الأبعد أو رجل من غير الأولياء تفوض الأمر إليه بدون إذن وليّها.

الخامسة: أن تباشر العقد امرأة أخرى تفوض الأمر إليها أمها أو نحو ذلك.

فظاهر النص أنّ كل هذه الصور باطلة ولا يصح فيها العقد ، ومع ذلك فللفقهاء أقوال، ولنذكر كل منها ونذكر ما روي فيها من نص أو قول .

Powered by Froala Editor