إطلاق تجريبي
قم بتسجيل الدخول حتى تستطيع رؤية المحتوى
الكتاب الصوتى غير متوفر
لا توجد نبذة إلكترونية الان
لا توجد نبذة صوتية الان
وما يراه النّاظر في هذا الكتاب من تقرير مسألة والديه صلى الله عليه وسلم وأنهما ماتا على الشرك، ليس المراد منه مجرّد الردّ على من قال بأنهما مؤمنين، فوالله ما يسوء مؤمناً بالله قط أن يكون والداه عليه الصلاة والسلام مؤمنين، ولو ثبت ما يذكره من يقول بأنهما ماتا مؤمنين لكان ـ والله الّذي لا إله غيره ـ أحبّ إلينا من الدنيا وما فيها، ولكن ما حيلة المؤمن إلا التسليم، كما كان حاله صلى الله عليه وسلم التسليم والرضا بحكم الله تعالى.
أقول: وتقرير هذه المسألة كما قلت إنّما هدفه تقرير الأصل العظيم الذي تقوم عليه وهو التسليم لما جاء به صلى الله عليه وسلم ولو ساءنا ولم تقبله عقولنا أو عواطفنا، ولو فَتَح كلّ شخص باب التشكيك في النصوص الشرعية لتسويغ الرد على ما جاء عنه في حق والديه فإنه سيهدم الأصل الشرعي الذي يُبنى عليه أصل الإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والذي جاء في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب:36]، فهذا الذي أوجب عليّ كتابة هذه الرسالة، إذ القول بنجاة أبويه صلى الله عليه وسلم كان إلى عهد قريب قولاً خاصاً بالمخالفين للسنة من غلاة الصوفية والشيعة ونحوهم، لكني فوجئت بأن هذا القول تبناه من ينتسب لأهل السنة، إما متبنياً له وإما مدافعا عمن يقول به من باب « الرأي والرأي الآخر» الذي ابتُلينا بها هذه الأيام.
وهذه المسألة كما قلت آنفاً لا تكتسب أهميتها إلا من خلال الأصل الذي تقوم عليه، فإن القائل بأن أبويه × ماتا على الإيمان مع علمه بالنصوص الصحيحة التي تدل على ذلك ومع خلو يديه من سلف صالح له في هذا القول لاشك أن لديه خللاً واضطراباً في أصل التلقي والاتباع الذي أُمرنا به.
ويدل عليه ما جاء به السيوطي في كتابه هذا من الأوابد وخالف به المنهج العلمي قبل أن يخالف منهج السلف، كل هذا بسبب استماتته في معارضة الحديث الصّحيح إثباتاً لقول لا دليل عليه إلاّ العاطفة والتخرّص.
ومن هنا كان تقريرنا لهذه المسألة على منهج السلف إنما هو عنوانٌ لتقرير أصل المنهج، الذي هو منهج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك صريحاً في الحديث الحسن عنه صلى الله عليه وسلم قال: « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النارإلا واحدة، قيل: ومن هم يارسول الله ؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي».
أقول هذا وأعيده حتى لا يزايد علينا أحدٌ بحب النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه، فتعظيمه وتوقيره هو اتباعه وتصديقه لا الاعتراض عليه والتملّص من النصوص الواردة عنه ولو في الأمور العلمية، وما ينفع العبد أن يقوم الليل ويصوم النهار وهو مع هذا يردّ عليه صلى الله عليه وسلم برأيه وعاطفته ؟!
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor
قم بتسجيل الدخول حتى تستطيع التعليق